الجبال الغربية. يجب التمييز بين الجبال الساحلية والسلسلة الموازية لها إلى الشرق. فالجبال الساحلية أكثر ارتفاعًا ولاتزال تحمل بقايا الغابات في الأماكن التي تزيد على 1,000م لأن هذه السلسلة ترتفع إلى 1,500م في قمة النبي يونس إلى الشرق من اللاذقية حيث نجد بقايا أشجار الأرز والشوح والبلوط والسنديان؛ لأن الأمطار تزيد على 1,200ملم سنويًا. وتزرع في هذه الجبال أشجار التفاح والكُمثرى والكستناء والعنب.
وفي هذه الجبال مصايف يقصدها أبناء الداخل والساحل على حد سواء وأهمها: صلنفة وكَسب والكفرون ومشتى الحلو، لأن حرارة يوليو هنا لا تتجاوز في المتوسط22°م، في حين يكون تساقط الثلوج مألوفًا في الشتاء فوق المرتفعات التي تزيد على 1000م. بيد أن هذه الجبال تحول دون توغل الرياح البحرية الرطبة بعيدًا نحو الداخل، لهذا تكون الجبال الموازية لها شرقًا أقل رطوبة وإن كانت أمطارها تكفي لزراعة الأشجار المثمرة كالزيتون والأعناب، كما في جبل الأكراد غربي حلب وجبل الزاوية، في حين يظل جبل لبنان الشرقي أجرد ماعدا السفوح الغربية، وجبل الشيخ الذي يرتفع إلى 2,800م ومنطقة العيبداني حيث تتبعثر مصايف أهل دمشق، وكذلك السفوح الغربية لجبل العرب حيث تقع السويداء وحيث تشتهر المرتفعات هنا بزراعة التفاح والعنب.
الريف السوري يشتمل على سهول متموجه وأودية خصبة وصحراء قاحلة. يقطن حوالي نصف سكان سوريا القرى الريفية. يبني القرويون من أبناء الريف الذين يقطنون السهول الواقعة شمال غربي سوريا بيوتًا شُيدت من الحجارة أو الطوب الطيني المجفف بالشمس، تشبه خلايا النحل إلى حد كبير.
السهول. نقصد بها المناطق الواقعة شرقي الجبال المذكورة، وتتراوح أمطارها بين 500 و250ملم. وتقوم زراعة الحبوب والأشجار المثمرة حيث تنتشر أخصب الأراضي على ضفاف الأنهار. وأهم هذه السهول سهل حوران في الجنوب، والسهول الممتدة من حمص حتى الحدود التركية ونهر الفرات، وأخيرًا سهل الجزيرة العليا الذي يرويه نهر الخابور، ويحده البليخ غربًا وإلى الشمال من الحسكة، حيث تجود زراعة الحبوب. وفي هذه السهول تقع أكبر المدن السورية.
البادية. تحتل مساحتها ثلاثة أرباع البلاد، وفيها يقع وادي الفرات الأوسط والخابور الأدنى اللذان يشكلان واحتين على شكل شريط يماثل وادي النيل جنوبي القاهرة. وهنا لا يمكن أن تقوم زراعة دون ري، كما في غوطة دمشق وواحة تدمر والسخنة وغوطات القلمون. وتنهض في البادية بعض السلاسل الجبلية كالسلسلة التدمرية 1,406م وجبال القلمون وجبل البشري وجبل عبد العزيز (1,920م) في الجزيرة حيث تحوي في قممها بقايا أشجار البطم، وفي البادية يتجول البدو بقطعانهم وإبلهم خلال الربيع وتكاد تخلو منهم صيفًا لقلة المياه وتباعد الآبار التي غالبًا ما تكون مياهها كبريتية أو مالحة.
المناخ
اصطلح علماء المناخ على إطلاق المناخ السوري على المناخ السائد في بلاد الشام، وهو نوع متقهقر من مناخ البحر الأبيض المتوسط، حيث تنحصر الأمطار في النصف الأخير من الخريف وفصل الشتاء والشطر الأول من الربيع. ويكون الشتاء باردًا تهطل فيه الثلوج كما تهبط الحرارة أكثر من 20 يومًا دون الصفر، وقد تنزل دون العشرين درجة ثلاث مرات في كل قرن كما حدث في شتاء 1911م وعام 1950م. وتكون بقية السنة جافة حارة بحيث لا تختلف الحرارة كثيرًا عن نجد الشمالية فيكون متوسط الحرارة 27°م وقد تبلغ 40°م. وتتوقف الحياة النباتية على توافر مياه الري.
غير أن المناطق التي ترتفع لأكثر من 1300م يكون صيفها ذا حرارة لطيفة مما يؤهلها لقيام المصايف إذا توافرت المياه، ولكن كميات الأمطار تختلف باختلاف السنين وقد تتباين بنسبة 1 إلى 3، كما قد تأتي متأخرة أو تنحبس في أواخر الموسم الزراعي، مما يُلحق أضرارًا مادية فادحة بالمزروعات، ولهذا يكون محصول الهكتار من القمح متدنيًا فضلاً عن تذبذبه حسب السنين بالمقارنة مع مثيله في الأقطار ذات المناخ المعتدل. ففي عام 1990م كان مردود الهكتار من القمح في سوريا 1,641كجم، وكان 1,171كجم في عام 1989م مقابل 1,846كجم في فرنسا.
الاقتصاد
كان عام 1992م والأعوام التي تلته في سوريا بداية الانفتاح على القطاع الخاص على خلاف الاتجاهات الاشتراكية في الأعوام السابقة، مثلما كان عام الانفتاح نحو الغرب بعد العلاقات المتينة التي استحكمت في الماضي مع الكتلة الشرقية. وبعد أن ظلت البلاد تعتمد على منتجات رئيسية تقليدية كتصدير القمح والجلود والمواشي الحية وزيت الزيتون والمواد الغذائية النباتية والمنسوجات، حتى عهد قريب، طرأ تغيّر جذري على اقتصادها نتيجة تكاثر السكان ودخول مواد جديدة كالنفط والقطن والفوسفات والألبسة الجاهزة.. الخ. وتظل الزراعة تؤلف العمود الفقري للاقتصاد من حيث نسبة العاملين فيها.
سد السبخة أكبر سد في سوريا وقد أنشئ عام 1973م، مكونًا خلفه بحيرة كبرى تسمى بحيرة الأسد. يمد السدّ المحاصيل الزراعية بمياه الري، كالقطن، وأنواع الحبوب والفاكهة. كما أنشئت محطة توليد القدرة الكهرومائية المتحدة عام 1977م، وتعد مصدرًا رئيسيًا للكهرباء في سوريا.
الزراعة. يعمل في مجالها رُبع الأيدي العاملة بحيث تنتج 29% من الناتج الوطني الإجمالي حسب تقديرات البنك الدولي. والمحاصيل الرئيسية هي القمح الذي تجاوز إنتاجه 4,300,000 طن متري والشعير الذي بلغ إنتاجه 180,000 طن متري عام 1996م. وإجمالاً تضطر البلاد لاستيراد كميات متفاوتة من الحبوب لسد حاجة الاستهلاك المحلي؛ لأن المواطن السوري يستهلك سنويًا ما معدله 160كجم من الحبوب، بينما لا يزيد استهلاك المواطن البريطاني على ثلث هذا المقدار.
ويؤلف القطن أكبر المحاصيل الزراعية التجارية، إذ وصل إنتاجه إلى 765,000 طن من الألياف عام 1995م بعد أن كان لا يزيد على 50,000 طن عام 1952م.
ويتعلق الإنتاج الحيواني بصورة رئيسية بتربية الأغنام التي تبلغ 13 مليون رأس بحيث تحتل سوريا المرتبة الـ 18 بين دول العالم في هذا المضمار. وفي البلاد قرابة 818,000 رأس من الأبقار لإنتاج اللحم أو الحليب.
ومن المنتجات الزراعية الأخرى في سوريا العنب حيث بلغ إنتاجه عام 1996م 455 ألف طن والتفاح 240 ألف طن والباذنجان 160 ألف طن.
أعمال النحاس من سوق الحميدية، في دمشق.
الصناعة. يعمل فيها 13,1% من الأيدي العاملة، وتقدم نسبة 5% من الناتج الوطني الإجمالي، وتأتي على رأسها صناعة الغزل والنسيج القطني التي تنتج أكثر 24,000 طن سنويًا وبدرجة أدنى صناعة غزل الصوف ونسجه لا سيما في صناعة السجاد وأخيرًا نسج الحرير.
ويلي ذلك من حيث الأهمية صناعة الإسمنت إذ ينتج 3,7 مليون طن في 1993م في بضعة مصانع موزعة في أرجاء البلاد مثل دمشق وحمص وحماة وحلب وطرطوس، وصناعة السكر 183,000 طن، وزيت الزيتون 60,139 طن، الأسمدة 89,639 طنًا، والصابون 17,000 طن وأخيرًا صناعة الألبسة الجاهزة.
التعدين. يعمل فيه 0,2% من السكان العاملين، ولكنه يقدم 6,6% من قيمة الناتج الوطني الإجمالي، وأهم فروعه قطاع النفط الذي بلغ إنتاجه عام 1996م نحو 221 مليون برميل في حقول الجزيرة (كرة تشوك) رميلان والسويدية، وحقول الفرات عمر والتيم وورد العشارة، ومازالت تكتشف آبار جديدة، وهناك إنتاج الفوسفات الذي يزيد على المليون ونصف المليون طن، والغاز الطبيعي الذي بلغ 12,621 ألف م§ في 1993م، والملح الصخري من الملاحات (السبخات) 130,000 طن، بالإضافة إلى صخر البناء والرخام ويقدر بحوالي 18 مليون م§.
وهناك صناعة البناء النشيطة؛ ففي 1993م بلغت مساحة المباني السكنية 628 ألف م²، والمباني الخاصة بالتجارة والصناعة 209 ألف م². وأخيرًا تأتي صناعة السياحة إذ يجتذب التراث التاريخي والأثري والديني في البلاد قرابة مليوني سائح سنويًا من عرب وأجانب، مما يوفر للبلاد عوائد بلغت 1,325,000,000 دولار في عام 1995م، في حين بلغ مجموع ما ينفقه السوريون في الخارج 398 مليون دولار.
سوق الحميدية بدمشق عاصمة سوريا، وهو من أشهر الأسواق الشعبية.
التجارة. بلغ الناتج الوطني الإجمالي بالدولار لعام 1996م 16,808,000,000 دولار فيكون نصيب الفرد من هذا الناتج في العام ذاته 1,170 دولارًا، تشكل الزراعة 29% منه والتجارة 28,7%.
وفي ميدان التجارة الخارجية أصبح النفط في مقدمة الصادرات، واحتل مكان القطن الذي ظل متربعًا على رأس القائمة لثلاثة عقود من الزمن، ثم القطن والمنسوجات والفوسفات والألبسة الجاهزة والأغذية المحفوظة والمياه المعدنية والجلود.
وتشير أرقام عام 1994م إلى أن قيمة الاستيراد بلغت 370,60 مليون ليرة سورية، وكانت تتألف من المواد التالية: آلات وتجهيزات صناعية 22,5%، منتجات كيميائية ومشتقاتها 8,5%، منتجات غذائية ومشروبات وتبغ 15,7%، معدات نقل 12%، حديد وفولاذ 10,8%، منسوجات 9,6%.
وتأتي هذه المستوردات من: اليابان 10,1%، إيطاليا 8,7%، ألمانيا 8,5%، الولايات المتحدة 5,8%، فرنسا 5%.
أما الصادرات فقد بلغت في العام المذكور 280,39 مليون ليرة سورية،وكانت تتألف من المواد التالية: نفط 2,56%، قطن 5%، منسوجات وألبسة وجلود 2,4%، منتجات غذائية ومشروبات 7,10%.
وقد اتجهت هذه المواد نحو: إيطاليا 27%، فرنسا 12,4%، لبنان 11%، أسبانيا 8,6%، المملكة العربية السعودية 5,5%.